هل الاكتئاب مرض وراثي؟

الاكتئاب

الاكتئاب عبارة عن نوع من أنواع الاضطرابات المزاجية بحيث يسبب شعورًا دائمًا بالحزن وفقدان الاهتمام، يذكر في الأوساط الطبية أيضًا بأنه اضطراب اكتئابي رئيس أو اكتئاب سريري، يؤثر على الشعور والتفكير والسلوك ويمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل العاطفية والجسدية، وقد يواجه المريض صعوبة في القيام بأنشطة يومية عادية، وأحيانًا قد يشعر كما لو أن الحياة لا تستحق العيش، أو أنه بالأحرى بدون قيمة. ¹⁾

أعراض الاكتئاب

تتنوع أعراض الاكتئاب بحسب نوع الاكتئاب الذي يعاني منه المريض، ويلعب أيضًا كلٌّ من: العمر والجنس دورًا مهمًا في تحديد نوع هذه الأعراض، وبالتالي لا يوجد أعراض خاصة بالاكتئاب لكل مريض، بل إنها أيضًا تتدرج من ناحية شدة الأعراض، ولكن هناك بعض الأعراض المشهورة التي قد توجد في أغلب مرضى الاكتئاب والتي تنقسم إلى عاطفية وجسدية، وهي كما يأتي: ²⁾
قد يصاب الشخص الطبيعي بالاكتئاب إذا لم تتبدل مشاعر الحزن أو الفراغ في غضون أسبوعين، وتتضمن الأعراض العاطفية:

• التهيج الشديد على أقل الأشياء وأصغرها.
• القلق والأرق.
• مشكلة في التحكم في الغضب.
• فقدان الاهتمام بالأنشطة، بما في ذلك بعض الأنشطة الاجتماعية المألوفة.
• التثبيت على الماضي أو على الأشياء التي حدثت بشكل خاطئ.
• أفكار الموت أو الانتحار.

 
وتشمل الأعراض الجسدية أيضًا ما يأتي:

• الأرق أو النوم.
• التعب المنهِك.
• زيادة أو نقصان الشهية.
• زيادة الوزن أو الخسارة.
• صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
• آلام غير معلومة السبب.

في الأطفال والمراهقين، قد يسبب الاكتئاب تدني احترام الذات والشعور بالذنب وضعف التركيز والغياب المتكرر من المدرسة، وقد يكون أيضًا من الصعب اكتشاف الاكتئاب لدى كبار السن، ففقدان الذاكرة غير المبرر ومشاكل النوم، أو الانسحاب يمكن أن تكون علامات للاكتئاب أو مرض الزهايمر.

أسباب الاكتئاب

طبقًا لما أورده علماء علم النفس لا يوجد سبب واضح للاكتئاب، ويعتقد العلماء أنه يصيب المرضى بسبب اختلال في التوازن الكيميائي في الدماغ، يمكن للعديد من العوامل أن تلعب دورًا في الاكتئاب، بما في ذلك العوامل البيئية والنفسية والبيولوجية والوراثية، يبدو أن بعض أنواع الاكتئاب تتوارث في العائلات، ومع ذلك لم يتم ربط أي جينات بالاكتئاب.
تعاني النساء من الاكتئاب أكثر بمرتين مقارنة بالرجال، وقد تؤدي العديد من العوامل الهرمونية إلى زيادة معدل الاكتئاب لدى النساء، يشمل ذلك تغيرات الدورة الشهرية ومتلازمة ما قبل الحيض (PMS) والحمل والإجهاض وفترة ما بعد الولادة وفترة ما حول انقطاع الدورة الشهرية وانقطاع الطمث، كما تتعامل العديد من النساء مع الضغوط الإضافية مثل المسؤوليات في العمل والمنزل،  ورعاية الأطفال والوالدين المتقدمين في السن، وللعلم فإن كثيرًا من النساء يتعرضن للخطر بشكل خاص بعد ولادة طفل، وتعاني النساء من التغيرات الهرمونية والجسدية بالإضافة إلى المسؤولية الإضافية لرعاية الطفل، يمكن أن تكون هذه العوامل التي مؤدية إلى اكتئاب ما بعد الولادة لدى بعض النساء، في حين أن “كآبة الأطفال” شائعة في الأمهات الجدد (تدوم أسبوعًا أو أسبوعين)، والنوبة الاكتئابية الكاملة ليست طبيعية والعلاج لها مطلوب. ³⁾

هل الاكتئاب مرض وراثي؟

الاكتئاب ليس لديه آلية واضحة في التوارث في الأسر، الأشخاص الذين لديهم قريب من الدرجة الأولى -على سبيل المثال: أحد الوالدين أو الأخ أو الأخت- يعاني من الاكتئاب، لديهم مخاطر أكبر بنسبة تتراوح بين ضعفين إلى ثلاثة أضعاف لتطوير الحالة أكثر من عامة الناس، ومع ذلك فإن الكثير من الأشخاص المصابين بالاكتئاب لا يملكون تاريخًا عائليًّا لهذا الاضطراب، والعديد من الأشخاص الذين يعانون من قريب مصاب لا يصابون بالاكتئاب أبدًا.
وقد تمكن فريق بحث بريطاني مؤخرًا من عزل جينٍ يبدو منتشرًا في العديد من أفراد الأسر التي تعاني من الاكتئاب، وقد تم العثور على الكروموسوم (3p25-26) في أكثر من 800 أسرة التي عانت من الاكتئاب المتكرر، ويعتقد العلماء أن ما يصل إلى 40 بالمائة من المصابين بالاكتئاب يمكن أن يتتبعوا الارتباط الوراثي، والعوامل البيئية وغيرها تشكل 60 في المائة الأخرى. ⁴⁾

تشخيص الاكتئاب

الخطوة الأولى للحصول على العلاج المناسب هي التشخيص الدقيق، الذي يتطلب تقييمًا جسديًّا ونفسيًّا كاملًا لتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بمرض الاكتئاب، وإذا كان الأمر كذلك، فما هو نوع هذا الاكتئاب؟، ومعرفة الأدوية والعقاقير التي تعاطاها الشخص، فقد يكون لها أثر مهم في إظهار أعراض الاكتئاب، ولذلك يجب على الطبيب تأكيد هذه الاحتمالات من خلال المقابلة السريرية والفحص البدني والاختبارات المعملية، ويُستخدم لذلك اختبارات الأعراض والتي تكون استبيانات تساعد في التعرف على الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب وقد يحتاجون إلى الحصول على تقييم كامل للصحة العقلية. ويتضمن التقييم التشخيصي الشامل تاريخًا كاملًا لأعراض المريض: متى تبدأ الأعراض وتحت أي ظروف؟ منذ متى تستمر الأعراض؟ ما مدى خطورة الأعراض؟ هل ظهرت الأعراض قبل ذلك، وإذا ظهرت يُسأل عن طريقة العلاج وفعاليتها، يسأل الطبيب عادةً عن تعاطي الكحول والمخدرات وما إذا كان المريض لديه أفكار حول الموت أو الانتحار، علاوة على ذلك، يشمل التاريخ غالبًا أسئلة حول ما إذا كان أفراد العائلة الآخرين يعانون من مرض الاكتئاب، وإذا تم علاجهم، ما هي العلاجات التي تلقوها وإذا كانت فعالة أم لا؟.⁵⁾

كيفية علاج الاكتئاب

يتميز علاج الاكتئاب بطول المدة التي يحتاجها المريض لكي يصل إلى تمام العافية، وذلك شيء تتميز به الأمراض النفسية بشكل عام والاكتئاب بشكل خاص، ويشتمل علاج الاكتئاب على واحد أو مجموعة من الإجراءات الآتية: ⁶⁾

الأدوية و العقاقير

يُنصح مرضى الاكتئاب بتناول مضادات الاكتئاب (Antidepressants) التي تعمل من خلال التأثير على المواد الكيميائية في الدماغ، للعلم يستغرق العلاج من 4 إلى 6 أسابيع حتى يكون لهذه الأدوية تأثيرًا كاملًا، يجب على المريض ألا يتوقف عن تناول الدواء دون التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص به.

العلاجات المنهجية

هذا هو في الغالب العلاج السلوكي المعرفي أو الشخصي، وهو يركز على تغيير وجهات النظر المشوهة التي لدى المريض عن نفسه، كما أنه يعمل على تحسين العلاقات، وتحديد عوامل الإجهاد وإدارتها في حياة المريض.

العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)

ا

يمكن استخدام هذا العلاج لعلاج الاكتئاب الشديد التي يهدد الحياة والذي لم يستجب للأدوية، يتم تمرير تيار كهربائي خفيف عبر الدماغ، هذا يثير نوبة قصيرة ولأسباب غير معروفة تساعد النوبات على استعادة التوازن الطبيعي للمواد الكيميائية في الدماغ وتخفيف الأعراض، مع العلاج، يجب أن يشعر المريض بتحسن في غضون بضعة أسابيع، بدون علاج، يمكن أن تستمر الأعراض لأسابيع أو شهور أو حتى سنوات، والعلاج المستمر قد يساعد على منع ظهور الاكتئاب مرة أخرى، كما يمكن للاكتئاب أن يجعل المريض يشعر بالإرهاق وعدم القيمة والعجز، ومن المهم إدراك أن هذه الآراء السلبية جزء من الاكتئاب ولا تعكس الواقع، يتلاشى التفكير السلبي مع بدء سريان العلاج في هذه الأثناء، يجب على المريض أن يأخذ بعين الاعتبار ما يأتي:

• الحصول على مساعدة، إذا كان المريض يعتقد أنه مصاب بالاكتئاب، وعليه مراجعة مقدم الرعاية الصحية الخاص في أقرب وقت ممكن.
• يجب على المريض وضع أهدافٍ واقعيةٍ في ضوء الكآبة، كسر المهام الكبيرة إلى صغيرة وتحديد الأولويات والقيام بالأعمال قدر الاستطاعة.
• فِعلُ الأشياء التي تجعل المريض يشعر بتحسن، بعض النشاطات الاجتماعية كالزيارات والرحلات تكون كافية.
• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
• اليقين بتحسن الحالة المزاجية ببطء، وليس على الفور، إنشاء شعور أفضل يحتاج وقتًا طويلًا.
• تناول وجبات صحية ومتوازنة.
• الابتعاد عن الكحول والمخدرات، لتأثيرها السلبي على المريض.

فيديو عن مرض الاكتئاب

في هذا الفيديو يتحدث استشاري علاج الاضطرابات النفسية والإدمان الدكتور: عبد الله أبو عدس عن كون الاكتئاب مرض وراثي؟، ويوضح الدكتور في الفيديو دور العامل الجيني في الإصابة بالاكتئاب، ولكن أكد أيضًا أنه ليس بالضرورة أن يظهر الاكتئاب فقط بسبب الوراثة، وإنما يساعد العامل الوراثي الجيني على زيادة فرص حدوث الاكتئاب بين أفراد العائلة الواحدة. ⁷⁾

المراجع